الحكومة المترابطة (المتكاملة)
يشير تقرير صادر عن الأمم المُتحدة في العام 2008 حول الحكومة الإلكترونية إلى أن "الحوكمة المترابطة" أو ما يمكن أن نسميه "الحكومة المترابطة" هي مرحلة مُتقدمة على "الحكومة الإلكترونية"، وأن هذه المرحلة تحمل مزايا جديدة لم تكن موجودة من قبل، وأن لها بالمقابل مُتطلبات ينبغي الاهتمام بتوفيرها.
تُعطي الحكومة المترابطة مستوى جديداً من الإمكانات والفوائد للمستفيدين من الخدمات الحكومية من أفراد ومؤسسات. والمبدأ الأساسي لهذا المستوى هو "تكامل" الخدمات وشموليتها لتستجيب لمتطلبات المستفيدين بتقديم الخدمات الإلكترونية بشكل مترابط. والمقصود بذلك أن تصبح المعاملة الواحدة التي تحتاج إلى إجراءات حكومية في أكثر من جهة قابلة للتنفيذ إلكترونياً بسهولة وكفاءة عالية. ولبناء الحكومة المترابطة يُنصح بالاهتمام بأربعة أنواع من قنوات الاتصال. يتضمن النوع الأول قنوات اتصال بين الوحدات المكونة لهيئة حكومية معينة. ويشمل النوع الثاني قنوات اتصال بين الهيئات الحكومية المُختلفة. والنوع الثالث قنوات الاتصال بين الهيئات الحكومية من جهة والمؤسسات المتعاملة معها مثل البنوك والمؤسسات التعليمية وغيرها. أما النوع الرابع فيتعلق بقنوات الاتصال مع المستفيدين.
إن تأمين قنوات الاتصال هذه واستخدامها بشكل فعّال في تقديم خدمات "متكاملة" ومتميزة يحتاج إلى الاهتمام بثلاثة أمور رئيسة. أولها تجهيز "البنية التقنية" اللازمة لتمكين نشاطات الحكومة المترابطة المطلوبة. وثانياً تأمين "التكامل المعلوماتي" بين الهيئات الحكومية واستخدام وسائل البنية التقنية لتحقيق ذلك. ثالثاً فتح آفاق جديدة لتطوير أساليب مبتكرة في تقديم الخدمات الحكومية، بما يُسهّل خدمة مُتطلبات الأفراد والمؤسسات.
تسير حكومة دبي الذكية بخطوات واثقة ومدروسة للوصول إلى حكومة مترابطة متكاملة واستطاعت ترسيخ مفهوم التكامل الإلكتروني بين العديد من الجهات الحكومية عبر تبادل المعلومات بينها لتسهيل تقديم خدمات ذات قيمة عالية لفئات المواطنين والمقيمين وقطاع الأعمال والزوار في إمارة دبي.
وفي مسعانا لتحقيق حكومة نوعية بهذا الشكل تبنينا في حكومة دبي الذكية أسلوباً ذا طابع شمولي، ويعكس التخطيط أدناه جهودنا المتواصلة على طريق تحقيق التكامل.
يجدر التنويه هنا إلى أن أسلوبَنا للوصول إلى الحكومة المترابطة متعددُ المستويات؛ تبعاً لفئات المساهمين: من داخل حكومة دبي ومن خارجها.. وهو أسلوب يرتّب علينا على وجه الخصوص إقامة علاقات وثيقة بشركائنا؛ أي جهاتنا الحكومية ومتعاملينا ومورّدينا، كي نستطيع تعزيز الأصول التابعة لهم وتنظيمها، وأيضاً تعزيز ما يمتلكونه من معرفة؛ بهدف إيجاد البيئة الملائمة لتوفير خدمات لهم يجري إغناؤها بشكل دائم عبر العمل بقوة على تكامل عملياتنا الجارية مع مختلف الجهات التابعة لحكومة دبي و/ أو القطاع الخاص والمساهمين الآخرين. ولكون هذا الأسلوب يستلزم توافر طريقة منهجية وفعالة لجمع المعطيات والمعلومات والخدمات، ثم إعادة استخدامها وتقاسمها، فنحن نغتنم أشكال التضافر والتكامل القائمة حالياً لمصلحة علاقة أفضل من الترابط والتعاون بين هذه الأطراف.
ولتحقيق هدف أعلى هو تحسين عملية اتخاذ القرار؛ تسعى حكومة دبي الذكية لاستحداث وتطوير خدمات مشتركة تركز على متعامليها في الجهات الحكومية، وذلك في ميادين الترابط الإلكتروني والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، وبيئة عمل المكاتب الخلفية، وتمكين الخدمات المشتركة، وتقاسم المعلومات..
إن الأسلوب الذي نتّبعه بخصوص التوصل للحكومة المترابطة المتكاملة مستمدّ من أسلوب تلك "المبادرات الحكومية" التي تنظر دوماً إلى التكنولوجيا كأداة استراتيجية وكأحد ممكّنات ابتكار الخدمات العامة ورفع الإنتاجية في حكومة دبي. إن مدار حكومتنا المترابطة، أو المرتبطة بشبكة المعلومات، يجري حول توحيد الإجراءات الحكومية المشتركة لدفع المصلحة العامة إلى الأمام من خلال صبّ الجهود الخلاقة لكافة قطاعات المجتمع في بوتقة واحدة؛ ما يترتب عليه تالياً التأثير في الإجراءات الاستراتيجية لمساهمينا.
بشكل عام تهدف جهودنا المبنية على تكنولوجيا المعلومات والاتصال لتعزيز التعاون بين الجهات التابعة لحكومة دبي، بما يتيح المجال لتفعيل التشاور والتلاحم مع شركائنا وتحقيق تواصل أكبر مع مساهمينا ككل.
نموذج حكومة دبي الذكية في الحكومة المترابطة
في سعينا للوصول إلى الحكومة المترابطة التي بدأت ملامحها ظاهرة للعيان، ترتبط اليوم جهاتنا الحكومية بشبكة واحدة هي شبكة المعلومات الحكومية (GIN) التي توفر البنية التحتية لتبادل المعلومات بين تلك الجهات، بأعلى درجات الأمان، وتربطها بمزودي خدمة الإنترنت عبر منفذ موحد تسهل إدارته، كما تدار جميع العمليات الداخلية للجهات الحكومية من خلال نظم تخطيط الموارد الحكومية الموحدة لإدارة الموارد المالية والبشرية فيها.
وشمل التحول الإلكتروني شرائح المجتمع: المواطنين، والمقيمين، والسيّاحَ، ورجالَ الأعمال.. وتنوعت الخدمات الإلكترونية لتغطي البنية التحتية، والاقتصاد، والتعليم، والصحة، والأعمال، وهو ما يفسر لنا ذلك العدد الكبير الذي يتجاوز 2000 خدمة توفرها الجهات الحكومية من خلال البوابة الرسمية لحكومة دبي (دبي.إمارات).
وترسخ أيضاً مفهوم التكامل الإلكتروني بين العديد من الدوائر والجهات الحكومية عبر تبادل المعلومات بينها لتسهيل تقديم الخدمات للمراجعين، بالإضافة إلى تعزيز خدماتنا المركزية (المشتركة)، مثل: بوابة الدفع الإلكتروني، لجعلها أكثر أمناً وسهولة ورفدها بطرق جديدة للدفع.. وتطبيق دبي الآن وخدمة الاستضافة الإلكترونية الرامية إلى توفير الحضور الإلكتروني للجهات الحكومية.. وبوابة الرسائل النصية القصيرة (اس إم اس دبي) التي تستفيد منها كافة الدوائر الحكومية في التواصل مع الجمهور على مدار الساعة.. وخدمة الاستبيان الإلكتروني التي تتيح للدوائر الحكومية استطلاع آراء المستخدمين.
وكمحصّلة لما سبق فإن طريقتنا في توفير الخدمات للقطاع العام تتمثل بالنأي عن النموذج المتبع في تقديم الخدمات عبر الوسائل التقليدية؛ بتأكيدنا على أسلوب مترابط ومتكامل يمنح تلك الخدمات التي نوفرها لمتعاملينا قيمة أكبر.. وإننا لعلى يقين بأنه من شأن هذا الأسلوب المساهمة في تحقيق الأهداف المتوخاة من جهود إصلاح القطاع العام والوصول بشكل أسرع إلى الحكومة المترابطة.